القائمة الرئيسية


مقالات: مصطلحات نسوية : (الحقوق الإنجابية)

7 سبتمبر, 2017

  • شارك
بسام حسن المسلماني
تجاوزت الحركة النسوية فكرة أنها حركة حقوقية، تطالب بحرية المرأة ومساواتها مع الرجل، إلى مفهوم أعم وأوسع، يحاول إعادة صياغة كل شيء – المفاهيم، التاريخ واللغة والرموز والفن والفلسفة والأدب – استنادا إلى رؤية أنثوية تتم في إطار الفكر النسوي، وتستفيد من فرضياته وتصوراته، وكانت أبرز ما قام به الفكر النسوي في هذا الإطار هي محاولة ترسيخ عدد من المفاهيم والمصطلحات الجديدة، في محاولة لإعادة تشكيل الرؤية والثقافة السائدة في مجتمعاتنا وسماتنا النفسية والاجتماعية وخصائصنا الأخلاقية.
لذلك كان من الضروري كشف هذه المصطلحات وبيان حقيقتها ودلالتها المعرفية، وتأثيراتها على مداركنا وخصوصيتنا الثقافية. وفي هذا الإطار يأتي مصطلح “الحقوق الإنجابية” وهو مصطلح يتم تداوله بشكل واسع ضمن تقارير ومقررات وبيانات وخطط العمل والسياسات والبرامج والمشاريع التي تتبناها أو تصدرها الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة. فما هو المقصود بهذا المصطلح؟
الحقوق الإنجابية:
حقوق المرأة الإنجابية في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان، هو مزيج من الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ويشتمل على هذه الحقوق:
•    حق الحصول على تشكيلة كاملة من وسائل منع الحمل السليمة ومقبولة الكلفة.
•    حق الإجهاض الآمن وسهل المنال والقانوني.
•    حق الحمل السليم والصحي.
•    حق تلقي خدمات الرعاية الشاملة للصحة الإنجابية بدون تمييز أو قسر أو عنف.
•    حق النساء اللواتي يواجهن حواجز اجتماعية واقتصادية في الوصول المتساوي إلى الرعاية الصحية الإنجابية.
•    الحق في عدم التعرض للممارسات المؤذية للنساء والفتيات (مثل تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى).
•    الحق في العلاقة الخاصة والسرية بين الطبيب والمريضة.
تعتبر الحركات النسوية أن الحقوق الإنجابية هي أساس حق النساء في تقرير مصير أجسادهن وحياتهن الجنسية، وأنها أمرٌ حاسم الأهمية لمساواة النساء، وضمان التقدم العالمي نحو مجتمع عادل وديمقراطي.
مؤتمر بكين والحقوق الإنجابية
يقرر البند رقم ج من الفصل الرابع من تقرير وثيقة برنامج عمل مؤتمر بكين، ما يتعلق بالمرأة والصحة الذي تضمن أيضًا تحديد الحقوق الإنجابية، وأشار إليها في بعض أجزاء أخرى من الوثيقة.
وتضمنت البنود 95-96-97-98-99-100 الحقوق التالية:
1- الاعتراف بالحق الأساسي لجميع الشركاء والأفراد في أن يقرروا بحرية ومسؤولية عدد أولادهم، وفترة التباعد فيما بينهم وتوقيت إنجابهم.
2- أن تكون لديهم المعلومات والوسائل اللازمة لذلك.
3- الحق في اتخاذ القرارات المتعلقة بالإنجاب، دون تمييز أو إكراه أو عنف، على النحو الوارد فى وثائق حقوق الإنسان.
4- الاهتمام بوجه خاص بتلبية الحاجات التثقيفية والخدمية للمراهقين، كيما يتمكنوا من معالجة الجانب الجنسي من حياتهم معالجة إيجابية ومسؤولية.
كفاية مستويات المعرفة عن الجانب الجنسي في حياة البشر، كي تتم سيطرة كثير من النساء والفتيات على حياتهن الجنسية والإنجابية، ولأن المراهقين يتعرضون للخطر ـ بوجه خاص ـ، بسبب افتقارهم إلى المعلومات وعدم حصولهم على الخدمات ذات الصلة في معظم البلدان، فجاء في وثيقة عالم جدير بالأطفال سنة 2002 “يجب أن تتاح للنساء وبخاصة المراهقات الحوامل إمكانية الحصول فورا وبصورة متيسرة التكلفة على رعاية التوليد، والرعاية بعد الولادة، وتنظيم الأسرة من أجل أمور، منها: تعزيز الأمومة الآمنة” مع التأكيد على ما ورد في مؤتمر القاهرة للسكان ومؤتمر بكين في ذات المؤتمر.
5- إعطاء المرأة الحق في أن تتحكم وأن تبت بحرية ومسؤولية في المسائل المتصلة بحياتها الجنسية، وذلك دون إكراه أو تمييز أو عنف وعلاقات المساواة بين الرجال والنساء في مسألتي العلاقات الجنسية والإنجاب.
6- أضاف برنامج عمل مؤتمر بكين إلى الحقوق الإنجابية السابقة حق النساء فى عدم تعرض صحتهن لمخاطر صحية خاصة، نتيجة لعدم كفاية الاستجابة ولنقص توفير الخدمات اللازمة لتلبية الاحتياجات المتصلة بالحياة الجنسية والإنجابية حماية لصحة المرأة[19].
7- الاهتمام بصحة الأم أي إن كانت حالتها الزوجية – قبل الحمل وأثناءه.
8- تحسين الحصول على خدمات الرعاية الصحية للوصول إلى الإجهاض الآمن.
9- حماية المرأة من فيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، أو العنف الجنسي الذى يترك آثاراً مدمرة على صحة المرأة وبصفة خاصة على صحة الفتيات المراهقات والشابات. اللاتى لا يمتلكن القدرة على الإصرار على الممارسات الجنسية المأمونة، ولا يتوافر لهن سوى إمكانية ضئيلة للحصول على المعلومات والخدمات اللازمة للوقاية والعلاج.
ملاحظات يتضمنها مصطلح الحقوق الإنجابية:
مفهوم الحقوق الإنجابية في الوثائق الدولية تضمن عددا من المخاطر التي تهدد كيان الأسر والمجتمعات، وفيما يلي أبرز هذه المخاطر:
1- اعتبرت الحقوق الإنجابية ضمن حقوق الإنسان- انظر البند رقم 3-7 من الفصل السابع لوثيقة المؤتمر الدولي للسكان والتنمية- ومن ثم فإن أي اعتراض على حق المراهقة في ممارسة الجنس سيُعد انتهاكاً لحقوق الإنسان، وكذلك امتناع الطبيب عن إجهاض فتاة سيُعد اعتداءً على حقها الإنساني في أن يتوفر لها إجهاض مأمون، حرمان تعقيم الزوجة –إذا أرادت- دون الرجوع لزوجها يعد حرمان تعسفي من الحرية، فلها الحق في أن تتحكم وتبت بحرية في المسائل المتصلة بحياتها الجنسية، دون إكراه أو تمييز أو عنف، ومن ثم فإن أي اعتداء على هذا الحق، يعد انتهاكاً لحقوق الإنسان.
2-الاعتراف بحقوق الشركاء، بغض النظر عن زواجهم شرعي أو أي صورة أخرى من صور الاقتران، وكذلك الأفراد في أخذ قرار الإنجاب من عدمه، وعدد الأولاد…إلخ، وهنا صياغة مطاطة، تفتح الباب واسعاً لإقرار أنماط أخرى للأسرة غير المتعارف عليها – وهى الأسرة المكونة من زوج وزوجة ارتباطاً شرعياً – كزواج الجنس الواحد والمعاشرة بدون زواج أى قبول العلاقات الجنسية الحرة، كل ما فى الأمر أن يكون القرارات المتعلقة بالجانب الجنسي يتسم بالمسؤولية من أطراف العلاقة، وبحرية تامة وليس فيها إكراه أو عنف، فالرجل مثلاً مطالب إذا ما أراد ممارسة الجنس مع شريكته أن يلتزم بالواقى الذكرى حتى لا يتسبب لها فى حمل لا ترغبه هي.
3-حق المراهقات والمراهقين في الحصول على معلومات تمكنهم من ممارسة جنسية آمنة، ومعنى آمنة هنا أي أن تكون هناك وسيلة تمكنهم من ممارسة الجنس دون حدوث عواقب من حمل أو انتقال عدوى من الإيدز وغيره من الأمراض كالواقيات الذكرية والمهبلية.
وعلى الحكومات أن توفر هذه المعلومات قبل الممارسة الجنسية الأولى، أي أنه كلما كانت الممارسة مبكرة – أو ما يسمونه فى الوثائق النشطين جنسياً – يستلزم هذا أن يكون التثقيف الجنسي مبكرًا.
4-حق النساء والمراهقات في الحصول على إجهاض آمن، دون أن تقتل دفاعاً عن الشرف، أو أن توصم بمخالفة شرع أو أعراف اجتماعية أو حتى قانونية.
5-حقها في الحصول على وسائل منع الحمل وغيرها من الخدمات دونما أي عقبات ثقافية أو اجتماعية أو قانونية (كاشتراط إذن الزوج في التعقيم)، أو (الخوف من الأب في حالة الحمل والإجهاض خارج إطار الزواج).
6-مطالبة الوالدين بالتغاضي عن النشاط الجنسي للمراهقين، من زنا ولواط وسحاق، فهذا شأن خاص لا يحق للوالدين التدخل فيه، بل الاعتراف بحقوقهم الجنسية، وتيسير وصول الخدمات الصحية المتعلقة بهم.
مثلما يحدث في أستراليا حيث انتشرت ظاهرة (تطليق الأسر) التي تحميها الدولة، فالشاب أو الفتاة أو الزوجة لهم الحق فى عرف القانون بممارسة الإباحية والشذوذ بكل حرية، دون رأى الوالدين أو الزوج، والخروج والدخول للمنزل فى أى وقت وبأى طريقة ومع أى صديق أو صديقة، وممارسة ما يعن لهم. وإن حدث أن اعترض الوالدان أو الزوج فإن الشاب أو الفتاة أو الزوجة يتوجهون للشرطة للإبلاغ عن تلك المضايقات، فما يكون من السلطات إلا فصل الشاب أو الفتاة أو الزوجة عن الأسرة بالقوة، وتوفير السكن والمعيشة والراتب المناسب لهم فى حياة مستقلة تماماً، وإن قدم ولى الأمر التماساً باستعادة زوجته، أو أحد أبناءه فتكون موافقتهم مشروطة بعدم التعرض لحريتهم نهائياً، وهكذا يعيش الآباء والأزواج مع أبنائهم في شبه طاعة عمياء، لأن على رقابهم سيف (تطليق الأسر).
7-الاعتراف بالحقوق الإنجابية دون أي تمييز يفتح الباب واسعاً لحق زواج الجنس الواحد ومكافحة القوانين المضادة للشذوذ الجنسي، فأي تفرقة على أساس السلوك الجنسي تُعتبر تمييزًا، ومن ثم غير قانونية. وقد بدا هذا واضحاً فى وثيقة برنامج عمل مؤتمر القاهرة للسكان، والذي رتبت حقوقًا ودعت إلى إزالة كل عقبات وأشكال التمييز بين العلاقات السوية والشاذة فتقول: “وينبغى القضاء على أشكال التمييز في السياسات والمتعلقة بالزواج، وأشكال الاقتران الأخرى، واستخدمت مصطلح (the family – in-all-its-forms) فالجنس من حق البشر المهم أن يكون قائمًا على التراضي ومأمون، وكانت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عام 1994م قد اعتبرت أن أي قانون يحظر الشذوذ الجنسي، ينتهك الوثيقة الدولية لحقوق الإنسان السياسية والمدنية، ونصحت بإعادة صياغته.
المصدر:
http://cutt.us/WoTTq

المراجع:
–  مصطلحات الوثائق الدولية والخصوصية الحضارية، مصطلح الصحة الإنجابية، الأستاذة/ سيدة محمود محمد، ضمن أعمال المؤتمر السنوي الرابع عشر لتعريب العلوم.
–  موقع مركز الحقوق الإنجابية، ما هي الحقوق الإنجابية؟
–  موقع ويكيبيديا.

اشترك في نشرتنا البريدية